التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الآوان | ببلولا

قصة «الآوان»، بقلم خلود مصطفى!


_صباح الخير، انا مُتأسف على التأخير.. والحمدلله عددنا قليل إنهردة.. هنسمع تلاتة منكم وبإذن الله يوم الإثنين الجاي نسمع تلاتة تانيين.. مبدأيًا؛ انا دكتور "راضي عبدالعليم".. دُكتوراه في علم النفس وماچيستيري كان في فن التحدُّث في جَماعات وتأثيره على كُل فرد جزء من الجماعة دي.. زي مابنعمل دلوقتي، حد فينا بيتكلم بيحكي الحاجة اللي قالبة حياته رأسًا على عقب.. ممكن تكون حكايته شبه لحكاية حد تاني خجلان يتكلم.. فيطلع من هنا بالحل اللي هنحاول ندور عليه مع بعض ونقوله للشخص اللي قدر يتكلم. الحقيقة أنا اللي أسست المكان ده، وانا بردو اللي قدرت أكتّر عدد اللي بيحضروا. محدش قال الكلام بيريح إلّا لإنه عارف إن في كلامه موجود الحل.. بس مدّاري ورا مبادئ زايفة، عادات روتينية مُميتة، ورا ضغوط وتراكمات مبتطلعش إلّا لمّا بس بتقرر تتكلم. يالّا نبدأ!! هنختار ٣ أرقام عشوائية وأصحاب الأرقام دي هم اللي هنسمعهم إنهردة..

*قرّبت من الصندوق ولغبطّ الأوراق اللي مكتوب فيها الأرقام واختارت رقم عشوائي.. فتحته وقُلت:

_رقم ١٢.. صاحب الرقم يرفع إيده لو سمح!

رفعِت إيدها بثبات وثقة بنت عشرينية، متتجاوزش مُنتصف عشريناتها. إبتسمتلها وقُلتلها:

_أهلًا بيكي، إتفضلي إحنا كُلنا سامعين..

إتنحنحِت وسكتت للحظة وبعدين بدأت تتكلم بنبرة ثابتة:
=انا اسمي "سِيرين".. ٢٤ سنة.. إتخرجت من سنتين من كُلية تربية قسم كيميا جامعة حلوان.. أبويا وأمي مُنفصلين من سنين وانا عايشة لوحدي من وانا في تانية جامعة.. طول عمري مبفكرش زي البنات اللي في سِنّي. يعني... مكنش حِلمي جواز وإستقرار وخِلفة والكلام ده، كُنت عاوزة ألف العالم وأعرف عن كُل حاجة، عُمر ماكان طموحي يساع البلد دي.. البلد دي ضيّقة أوي مهما بانت واسعة، وانا حِلمي ميسعهاش.. خلصت كُليّة وبدأت أطور نَفسي كورسات ومؤتمرات وأبحاث.. كُنت بحب دراستي جدًا وكُنت شايفة نفسي حاجة حتى لو مافيش حد غيري شايف ده. كُنت دايمًا بسمعهُم بيقولوا عنّي ماليش عزيز، مافيش حاجة ولا حد ممكن يخلوني أتردد في الإختيار بينهم وبين حاجة انا عاوزاها.. أي حد جنب اللي انا عاوزاه صِفر على الشمال إن مَكنش أبعد. عِشت ٢٢ سنة مافيش حد هزِّني، ماوعِتش على حاجة إسمها نُقطة ضعف، ٢٢ سنة كُنت انا نُقطة ضعفي وقوًتي، ٢٢ سنة وانا أمي وأبويا وأخويا وأختي وحبيبي ونَفسي. لحد ماشوفته....

*اليوم ده خلصت الكورس في المُهندسين وكُنت مروحة وقبل ماأخرج من المكان إكتشفت إنّي نسيت تليفوني جوّا.. رجعت تاني شوفت حد من ضهره ماسك التليفون وبيسلّمه للأمن وهو بيقول إنّه لقاه فـ class room 5.. فسرعت خطوتي ناحيتهم وانا بقول:

_ده تليفوني، معلش انا آسفة نسيته وانا بلِّم حاجتي عشان أمشي..

*ساعتها إلفتّلي، انا كُنت بتريّق على الناس زمان لمّا كانوا بيوصفوا إحساسهم لمّا شافوا اللي بيحبّوه لأول مرّة.. اللي كانت بتقول حسيت إن الزمن وقف، واللي كانت بتقول مسمعتش ولا كلمة من اللي إتقالت.. بصراحة كُنت بستصغرهم أوي. اللحظة دي، انا إستصغرت قلبي ونَفرتُه، مكُنتش قادرة أسامح نفسي إنّي حرمتني طول عُمري أحس الإحساس ده، أول مرّة كنت أفهم "عَملي" يعني إيه حد يخطف قلبي، يعني إيه يبقى في بيني وبينه رابط، حبل رابطني بيه مهما عدّى مابينا ناس أو قلوب.. عُمره ماهيتقطع. سلّمت عليه وشَكرته جدًا، قدّملي نفسه على إنّه "حسن".. اليوم عدّى وهو معدّاش. أول مرّة من ٢٢ سنة يجيلي أرق بسبب التفكير في حد، دايمًا كان بيبقى تفكيري شاغله حاجة عاوزة أعملها أو مش عارفة أعملها إزاي.. المرّة اللي وراها لمّا روحت الكورس لقيته مستنيني في القاعة بدري قبل ما أي حد يجي..

_انت عرفت منين إنّي باجي بدري!؟
=أكيد مش ده السؤال اللي أنتِ مستنية تعرفي إجابته..
_ياسلام!!
=تعالي إقعدي..

قعدنا نرغي لحد ما بقيت الطلبة جُم والدكتور كمان جه، بعد كدة هو مشي وراح يحضر كورس الألماني اللي كان بيحضره واللي كان ميعاده بعد ميعاد الكورس بتاعي بساعتين.. كان بيجيلي بدري يقعد معايا ويستنى ساعة ونص لحد مالكورس بتاعه يبدأ. "حسن" كان هو القطعة الناقصة عشان تكمل الصورة في حياتي، هو التوقيت الصح، القَدر الهيِّن اللي ياما إستنيته، كان العوض اللي كُنت فقدت الأمل إنّه هيجيلي في يوم من الأيام.

*اتنهدت انا ساعتها وسألتها في حيرة:
_طيب كُل اللي انتِ بتحكيه ده جميل جدًا، ازاي بقى كان هو المشكلة اللي أنتِ محتاجلها حل!؟
="حسن" عُمره ماكان المُشكلة، ولا انا بحكي عشان ألاقيله حل، انا اللي عاوزة الحل.. انا المُشكلة مش هو..

*سكتْ، إستنيتها تكمّل وهي بتعانِد دمعة عاوزة تهرب من عينيها بس هي منعاها. زي ما هي مانعة حاجات كتير حلوة فيها تظهر..

_انا متعودتش إنّي أكون حد ليّن، طول عُمري انا الراجل وانا الست، طول عُمري واخدة إنّي محطّش حد فوقي، محدش يعلىٰ جوايا لدرجة إنّه ينسيني نفسي.. وكُل ماكُنت أحس بده معاه كُنت بغيب وببعد.. "حسن" أحن حد على الأرض دي، أحن حتى من قلبي عليّا.. أحن من نفسي عليّا.. مقدرش أقول إنّي كُنت رقم واحد في حياته، انا كان ترتيبي قبل أي حد انا كُنت إختياره رقم صفر عشان ميبقاش في حد أو حاجة قبلي.. إهتمامه كان أصدق حاجة وعيت عليها من يوم ماأتولدت، وقلبّه أنعم من خُصلات شعري. انا اللي مبعرفش أقابل إهتمامه بإهتمام يستاهله، لإنه ميستاهلش حد بصلابة قلبي. يستاهل حد ليّن، يستاهل قلب زي الصلصال يتشكله بأحسن شكل ممكن يكون موجود عشان يليق على قلبه، وانا مش القلب ده ولا عُمري كُنته.. فالحل في إيه!! أكيد فالهَجر.. بس زي ماقُلت في الأول في حبل رابطني بيه، كُل لمّا أبعد يشدّني ليه، عُمره مابطّل يشدّني مهما انا حاولت أقطعه. انا مش قادرة أبعد، ومش هعرف أليّنله قلبي.. في حل عند حد مِنكم!!؟.

*خلصِت كلامها وإيدها بتترفع عشان تمسح دمعتها اللي أخيرًا عرفت تهرب من أَسرها ليها.. ساعتها انا أخدت نفس طويل وإبتسمت وقُلت:

_طيب نسمع الحكايتين الباقيين ونقول حلّهم كُلهم سوا، إيه رأيكم!؟

*الكُل هزّ راسه بالموافقة بعد ماشوفت كتير منهم متأثر بحكاية "سِيرين". وده الهدف اللي كُنت بسعاله من أول ماخطرت على بالي فكرة المُناقشة الجماعية دي.. سحبت تاني رقم عشوائي وطلع رقم ٨.. قُلت الرقم بصوت عالي فرفع إيده راجل أعتقد فأول ثلاثيناته، ذقنه كثيفة زي "احمد حاتم" المُمثل كدة. رفع إيده وهو بيضحك بسُخرية لفتتني. فسألته:

_في حاجة ياأستاذاا....
="علي" .. اسمي "علي" .. ٣١ سنة..
_ممكن أعرف سبب إبتسامتَك دي؟
_أصلي أول ماسمعت حكاية "سِيرين"، توقعت إن رقمي هيكون الجاي..
=إشمعنا!!

*ضحك تاني وقال وهو باصص ناحيتها:

_أصلي انا حكايتي هي هي حكاية "حسن"... هو بس إختلاف أسماء..

*لاحظت "سيرين" بعدِت بنظرها عنّه بعد ماكانت بصّاله بتركيز.. فقُلتله بهدوء:

_طيب، واحنا سامعينَك..
=كان يوم شتوي جدًا، المطرة ماكنتش مبطلّة وانا إسكندراني.. ومافيش إسكندراني بيهرب من المطرة.. وقفت وانا لابس چاكيت أسود تقيل ماكنش مانع شعور البرد يدخلني.. ووقفت بستقبل المطرة بكُل سعادة وانا رافع وشّي للسما وبتخبط قطرات المطر كُل مكان في وشّي. بصيت ناحية إيدي الشمال لقيت بنت بتجري تحت شمسية بالعافية عارفة تتحكم فيها من شدة الهوا.. بتشاور لكذا تاكسي ومبيرضاش يقفلها.. سبت المطرة وسبت الجو و عيني ماشفتش غيرها، فكرت لحظة وإبتسمت إن القدر كان لطيف كدة.. رُحت ركبت التاكسي بتاعي اللي كُنت راكنه عشان أعيش الوقت ده مع المطرة.. ركبته ومشيت ناحيتها فشاورتلي، وقفت وانا فرحان وقالتلي:

_محطة الرمل!؟

*صدقوني لو كانت رايحة المريخ كُنت هودّيها.. عرفت مكان بيتها وفضلت واقف تحتيه لتاني يوم لحد مانزلِت.. فضلت ماشي ورا التاكسي اللي وقفته وعرفت مكان شغلها.. بقيت كل يوم بعدّي من قُصاد شُغلها في ميعاد خروجها عشان تشاورلي وأروّحها وأشوفها ولو لدقايق.. قفشت نفسي مُتلبّس وانا متعلق بحد وده محصليش قبل كدة.. فضلت كُل يوم على الحال ده لحد ما بدأت تلاحظ إنّي نفس السواق، كُنت بلاحظها بتبُصلي في المراية وهي مُدركة إنّي نفس الشخص بتاع كُل يوم بس سايباني بمزاجها، سايباني أعمل كدة وكأنّها فاهمة اللي جوايا... وبعد يومين من اليوم ده بدأت ألاحظ إنّها بتخرج من شُغلها على موقف الميكروباصات وبتروح بواحد منهم.. بدأت تتجنبني!!.. حسيت إنّي كُنت بتصرف بطفولة، وكأنّي مش شاب ناضج عدّى التلاتين.. وكأنّي رجعت عيّل بيستنى يروح المدرسة عشان يشوف البنوتة اللي مُعجب بيها وخجلان يتكلم معاها.. بدأت أستناها تحت البيت وبلاحظ إنها بتلاحظ وجودي بس بتتعمد متكلمنيش.. مكُنتش فاهم موقفها، أو يمكن كُنت فاهم بس مش عاوز أصدق إن ده قصدها فعلًا.. لحد ما قررت مرّة أوقفها أسألها وأعترفلها إنّي مشدود ليها، أعترفلها إنّي عمري ماتشديت، بس هي شدّتني..
كُنت بحسّها مركز نواة الذرة زي ماكُنا بندرس في الكيميا، وانا حيالله إلكترون ضعيف غلبان، جاذبيتها مش هعرف أقاومها مهما حاولت، وهتفضل تسحبني لحد ماتقتلني نتيجة لقُربي منها.. يمكن "سِيرين" تفهم الكلام ده عنّي بما إن ده مجال دراستها.. المُهم حصل فعلًا وعملت كدة، أول ماشوفتها فَتَحت باب التاكسي ونزلت ومشيت ناحيتها، بدإت تهدّي خطوات رجليها بعد ماشافتني وكأنّها بتهيأ نفسها لحديث بينا، ويمكن ده أكتر شئ بسطني، إني أخيرًا هكلمها.. كراجل مش كسواق يوصلها للمكان اللي تحبّه وخلاص على كدة.. وقفِت قدامي، انا بقيت أقرب للنواه من مستواها الأول.. ابتسمت لوحدي من غير أي مُقدمات... اطمنت إنها كويسة وأعترفتلها إنّي حاسس ناحيتها إحساس حلو، نقي خالي من أي شوائب، وإن كانت مش هتمانع، تسيبني أقرّب منها.. حسيتها زي لحظة الوصول بعد سنين من المُعافرة..
روحها زي أول نسمة هوا حلوة بتخبط في وشي أول مابصحى الصُبح... قربنا من بعض بسرعة وعشت شهرين معشتش ولا هعيش زيهم في حياتي... لحد ما بدأت أحس إنّي الكفّة بتميل ناحيتي انا بس، علاقة انا طرفينها الإتنين، انا اللي بقلق وانا اللي بهتم، انا اللي بخاف وانا اللي بتجنب عشان متتعبش أو متتضايقش.. حتى إهتمامها كان باهِت، لمّا كُنت بقولّها "بحبِّك"، كانت كُل حواسي بتبين ده، كل عضو في جسمي كان بيحس اللي بقوله.. يمكن حتى الأماكن اللي كُنت بقولّها فيها الكلمة دي، كُنت بحس بنسمة الهوا بتزيد فيها، ورق الشجر كان بيرفرف. لكن هي، جامدة.. مشاعرها جامدة، ثابتة ثبات قاتل.. قوّتها مُرعبة، بتحسسني إنّها لو هتضطر في يوم إنها تختار بيني وبين حاجة، عُمرها ماهتتردد تخليني إختيارها التاني، عمري مابطلت أكون إستبن. كُنت قابل، وراضي، كان على قلبي زي العسل.. بس دلوقتي، انا مش قادر.. انا بقيلي سنة ونص على الحال ده. ولا قادر أكمّل، ولا قادر أبعِد. أعمل إيه!!؟.. انا قلبي معاها، وعقلي عُمره ماكان في صفّها.. وانا متعلّق في النُص بينهم. أعمل ايه يادكتور!!

*هرجعلك يا "علي" أكيد.. خلينا ناخد تالت وآخر رقم معانا إنهردة عشان نبدأ نلاقي حلول. سحبت آخر رقم كان رقم ٢٢.. رفع إيده راجل بيتهيألي فخمسيناته.. باين عليه الرزانة والعقل والحزن بينهم فمدينله وقار عظيم جدًا.. رفع إيده وهو بيضحك وبيقول "صح كدة".

_هو ايه اللي صح يافندم!؟، إحكيلنا...
=القَدر يابني.. ترتيب ربنا عُمره ما خيّب أبدًا.
_ليه بتقول كدة؟!
=أصل بعد حكاية "سِيرين"، وبعد حكاية "علي" .. لازم تيجي حكايتي انا عشان تحط كلمة النهاية، لازم أجي انا دلوقتي بالذات بعدهم.. عشان أربط بينهم، عشان أفهمهم المقصود..
_طيب فاهمنّا يافندم، احنا سامعينك.

=انا اسمي "أكرم" كان عندي ٣٣ سنة لما قلبي مات أول مرّة.. يعني انا عايش ميت من حوالي ١٩ سنة بالظبط... كُنت في نفس سِنّك تقريبًا يا"علي" لمّا قلبي طلع بيا لسابع سما من أول مرّة لمحت لمعة عيونها فيها.. كانت ست البنات، زي زهرة عباد الشمس لما تتحط جنبها أي وردة تانية، كانت كل العيون بتروحلها هي وبس.. مهما كان باقي الورد جميل.. قلبي هواها من أول لحظة عيني جت عليها، وعمري مافكرت إنّي كان ممكن أكون لحد غيرها.. كانت مدرستي اللي مكملتش تعليمي إلّا فيها، وكانت أمي اللي عوضتني عن امي اللي موعتش عليها.. كانت أهلي وكانت ناسي.. لأ، دي كانت كُل الناس مش ناسي بس. كُل الدُنيا كانت تهون مقابل ضُفر منها، والسما تتطربق على الأرض لو زعلت.. حنيتها نسمات ربيع وغضبها فيضان نهر يشيل كل اللي قدامه.. طول عمري كنت بحبها من جوايا، عُمري ماقُلتلها "بحبِّك" حتى.. كُنت بأجلّها ليه!؟ كُنت مستني إيه!؟. طول عمري كتوم ومشاعري بتنبُت لجوا.. وهي حبيبتي عمرها ماشتكت.. قِبلتني بعيبي ورضيّت بيه.. لحد ماجت اللحظة اللي مكنش ينفع فيها أرجع وأغير كل اللي عملته معاها قبل كدة.. كان لازم يكونلي عقاب، إنّي مصونتش نعمتها.. راحت منّي في لحظة، ومن لحظتها وانا رايح من نفسي، من لحظتها وانا عايش ميت.. لو كان ينفع أرجع بيها لورا لحظة بس، كُنت هأقولها "بحبِّك" في اللحظة ألف مرّة. مكُنتش هفكر للحظة وأضمّها بين ضلوعي، كُنت همسك إيدها ألف مرّة فالمرّة.. كُنت هبصلها أكتر، كُنت هبتسملها أكتر. بعد ٣ سنين معاها أكتشفت إنّي مشبعتش منها، مكنش المفروض أبقى جامد كدة.. انا عشان طبعي زي طبعِك يا"سيرين" حاسس بيكي.. حاسس باللي جواكي وعاوزة تقوليه ومش عارفة، وعشان حبيت الشخصية اللي زيّك يا"علي" واللي زي "حسن".. بقولِك الندم صعب يابنتي، اللحظة اللي مبيبقاش في إيدك حيلة.. لا عارفة ترجعي لورا، ولا عارفة تبُصي لقدام.. متضيعيش الفُرصة يا"سِيرين".. متخلّيش أوانِك يفوت، ولا زهرتِك تدبل.. متضيعهاش وعيشيها.. أمّا انت يا"علي".. فراجع نفسك، عيد حساباتك، اتكلم معاها، محدش قلبه بارد بالفِطرة يابني، في ظروف هيّ مرّت بيها أكيد انت متعرفش عنها حاجة وصلتها لكدة زي اللي مرت بيه "سِيرين". بس على الأقل هيّ عارفة إنّها المُشكلة وكمان بتدورلها على حل.. متفوّتوش أوانكوا ياولاد. كل اللي بيروح مبيرجعش، بلاش تكونوا رايحين.. إفضلوا وعافروا إنكم تفضلوا.. عشان مافيش حاجة تستاهل وجع الفقد، مهما كانت هي إيه.

*القاعة كُلها إنهارت بُكا... "سِيرين" قامت باست راسه، و"علي" طبطب عليه وأخده في حُضنه. وانا مانكِرش كلامه دمّعَني. بعد ما القاعة هديت بدأت أتكلم انا:

_اولًا، انا شاكر جدًا لكل واحد من اللي إتكلموا إنهردة.. ومبسوط جدًا بالقَدر اللطيف اللي رتّبهم الترتيب ده بالصُدفة والله.. بيتهيألي "سِيرين" مشكلتها مش بصعوبة "علي"، لأنّها ندمانة وعاوزة تغيّر من نفسها، بتحاول لأنها بتحبّ "حسن" بجد، كمّلي محاولة يا"سِيرين"، روحيله وأحكيله عن طبعِك.. خليه جنبك هو مش هيتخلّىٰ عنِّك. وانتِ طول ماجواكِ الإرادة هتتغيري.. حتى لو موصلتيش لمرحلته، أعتقد إنه هيكفيه محاولتِك.. أمّا "علي" فأنت موضوعك هيتحل بقرارك.. كلّمها مع إنّي عارف إنّك أكيد حاولت كتير، بس جرّب المرّة دي تحكيلها حكاية استاذ "أكرم".. إحكيلها عن "سِيرين" انا مظنش إنّهم هيمانعوا.. حاول تكسب قلبها.. اعرف نقطة ضعفها وداريها عن الناس، حوّلها انت لنقطة قوّه.. إثبتلها إنّك مش هترفضها بطبعها ده، انت هتعدله معاها.. عشان تطلعوا بعلاقتكم للنور..

*ابتسم "علي" وقالّي:
_على فكرة، هيّ إسمها "نور" يادكتور..

*ابتسمت انا كمان وقُلتله:
_يبقى خير ياعِلوة... الحكايات التلاتة بتدور حوالين شئ واحد.. "الإهتمام".. ياإما حد ناقصه إهتمام، ياإما حد مبيعرفش يدّي إهتمام، ياإما حد بيدّي إهتمام أوڤر.. الحُب لوحده ناقص، ماسخ، مينفعش حُب من غير إهتمام يجمّله، مينفعش حُب من غير "بحبّك" بتتقال كُل شويّة.. عُمركوا شوفتوا رواية حلوة جدًا من غير إسم يشد!؟، محدش هيشتريها... مينفعش الموت يكون موجود لوحده زي ماحصل مع إستاذ "أكرم" .. لازم في حياه معاه حتى لو لحد أو لشئ تاني.. زي ماعمل معانا كُلنا دلوقتي.. موت حبيبته أحيىٰ ذكراها جواه للأبد، أحيىٰ علاقتكم انتوا من جديد ناحية "حسن" وناحية "نور".. زي ما مافيش موت من غير حياه، مافيش حب من غير إهتمام وإلّا ميبقاش اسمه حُب. أشوفكوا يوم الإثنين بإذن الله مع تلت حكايات جديدة. نتقابل على خير بإذن الله .
⇻⧫⇹⇹⇹⇹⧫⧪⧫⇹⇹⇹⇹⧫⇺

الكاتبة⇙ خلود مصطفى


تعليقات