قصة «السيدةُ المُبَجَّلة»، بقلم حبيبة الشوربجي !
الجزء (4)
الآن في باحة الأرض المبجلة تُدَقُّ الطُّبولُ وتُعزَفُ المزاهرُ إنه الحادي عشر من كل شهرٍ ستقومُ هي بقطعِ رأسِه أمامَ الجميع، هذا المُستعصي الذي كانت تُهمتُه العِشق ..
بدأت مراسمُ اليومِ و الجميعُ يهلِّلُ في سعادة، أما هو جاثٍ على ركبتيْه مُغمضَ العينِ ينتظرُ مصيرَه بعدما مكثَ في السجنِ شهرًا كاملًا.
صمتَ الجميعُ بِإشارةٍ منها وبعيونٍ متلهفةٍ منتظرين ما سيَحدُث.
أمسكت سيفها بجمودٍ ولحظاتٍ إلى أن تركت السيفَ يسقطُ وسقطَتْ بجانبه، فكَّتْ عِصابتَه و ألقتْ نفسَها بين أحضانِه لُيبادلَها بذات الوضعيةِ التي رسمَها سابقًا.
إنه عِناقُ النهاية، و كانَ ثمنُه نهايةَ تِلك الأرض.
ينظرُ الجميعُ بدهشةٍ و يبصقون، أما هُمَا فقد انعزلا عن العالم، و لكنْ هل ستهدأ الأمواجُ و تشفعُ لهذيْن العشيقيْن ..
بل، أغرقَتْ المدينةَ كُلَّها!
ظلاما..
________________
انتفضَ من موضعِه ليقعَ على الأرض ينظرُ حوله کالممسوس.
لازلتُ في غُرفتي، كل شيءٍ كما هو!
نظرَ لساعته فوجدَ أنها الثامنة صباحًا
جثى على ركبتيْه و بدأ في البكاء ثم النشيج لما حدث، هل كان كابوسًا؟ يشعرِ بثُقبٍ ما في قلبه!
ارتجلَ و أخذَ معطفه و علبة السجائر و بدأ يسيرُ يتذكرُ كُلَّ شيء بحذافيره.
تنهدَّ بتبرُّمٍ ثم جلسَ على إحدى الأرصفِ و دفنَ وجهه بين كفَّيْه شعرَ بأحدهم يجلسُ بجانبه نظرَ فوجدها فتاة في مُقتبلِ العشرين تُشبه السيدةَ المُبجلة!
ذات العيونِ والشِّفاه و خصلات الشَّعرِ مع اختلاف تقسيمة الوجه.
ابتسمتْ ثم مدَّت يديْها و أخذتْ سيجارةً و قالت :-
-ليس لديّ مالٌ لشراء لفافات تبغ، و إن لم أُشعلْها فسيحترقُ قلبي!
نظرتْ لعينيْه الزائغتيْن ثم همستْ :-
-هل تقابلنا من قبل؟
استئنفَ سؤالَها ثم قال :-
-تلك اللفافات ستقتلكِ يومًا ما!
-لا مانعَ بالموت في سبيل أشياء نُحبها وتُرافقنا، ولم تتخلَّ عنَّا يومًا.
أشاحَ بوجهه بعيدًا و شعر بأنها البداية، بدايةٌ مع السيدة المُبجلة في عالمٍ آخرٍ و وُجدانٍ مُتيمٌ بها!
لقراءة الجزء (1) من قصة السيدةُ المُبَجَّلة ↩ اضغط هنا
⇻⧫⇹⇹⇹⇹⧫⧪⧫⇹⇹⇹⇹⧫⇺
تعليقات
إرسال تعليق