التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اُحدِثكُم مِن عالمي الآخر | ببلولا ツ

عالم آخر !

ها أنا اُحدِثكُم مِن عالمي الآخر، العالم الذي أقصده حتماً ليس عالم الأشباح الخفيه، لا بأس بها إنها لا تؤذيني بشئ، مُسالمين، ليسٌ مُتشددين.. أتؤمن بالأشباح يا سعيد؟

نعم أومن بوجودها إيماناً أعمى، حدثت لي أشياء خارج قوانين الطبيعة، أنت.. هل تؤمن بوجودها؟


انا لا اُعير لها إهتماماً قط، إهتمامي فقط هو البشر و أفعالهم، البشر هُم الأشباح الحقيقيين، دائماً يثبتون إنهم موجودين، دائماً يظهرون الجانب السلبي فقط، أتدري يا سعيد!

دائماً اشعُر إنهم يقولون نحن هنا لنَدِس فيكُم الرعب، حتي الحيوانات لم تسلم من شرهُم، نحن هنا لنَدِس فيكُم الرعب، يا حمقى..

اقذر شئ يفعلونهُ، قدموا لنا نعشاً لطموحنا، أهدافنا، كُل شيء فينا تم دفنهُ حياً، خيالي يا سعيد هو الذي يُسَيطر علي فى أرض الواقع، أرض النفاق، أرض لا تصلُح للصُلح مع الذات، لكِنها أرضاً تصلُح لجميع الملذات..

قال، جورج اورويل..

- مالذي قد يقتل شاب في ٢٤ من عمره يا دكتور؟‎‏
حادث؟ سرطان؟‎‏
-لا يا دكتور،
نحن تقتلنا التعاسة، اليأس،
جرعة زائدة من الكآبة، رؤية الأحلام وهي تتحطم.

ها هي قد أتت اسماء، متأخرة كالعادة، لا بأس جيداً إنها أتت..

أهلا اسماء، هذا صديقى سعيد..

- ما هذا المقهي الغريب يا حسن؟

إنه مقهي المثقفين، و المنبوذين أمثالي، لقد إعتدت الجلوس عليه..

حسناً، حسناً، لا بأس به..

ماذا كُنتم تقولون قبل أن أتي؟

كُنا نتحدث عن البشر و أفعالهم، و مهوسيبن بالملذات، و ملاذَهُم هو الإحباط و الخزي، و الحقد، عندما يروا شخصاً ناجحاً يقوموا بإحباطهُ، فإنهم عجزوا أن يكونوا مِثل الناجحين..

المجتمع حقير، حقير لدرجة إنه يستحق الفناء، مجتمع ينبُذ الغِناء و المواهب الظاهِرة، لكي يدفنها حيه، يقولون إنها مِن أفعال الشيطان.. هل الشيطان يفعل مثل أفعال البشر؟

نعم يا حسن، هذه أفعال الشيطان..

دعني أنتهي من حديثي يا سعيد لا تقاطعني، لو كانت هذه أفعال الشيطان، فأنا اُحبها، لإنه يُحِب الجمال، الشيطان الحقيقي هو مَن ينبُذ الجمال مِثلك تماماً، خلايا أدمِغَتَهُم تتبرأ مِن المنطق، مِثلك تماماً..

نَفحَةٍ مِن الهواء جاءت كي توقِظني مِن الهراء، تحتاج دُعامات للعقل لكي يُعيد تَفكيره من جديد، القاع مُظلِم، مُظلِم تماماً و أنت و أمثالك تحبون الظُلمات، و انا أسعى إلى الضوء، الضوء الذي يجب تسليطهُ على المجتمع لكي يَقُم بتنويره، اسعى لتحقيق المدينة الفاضلة، التى سعى لها افلاطون الفيلسوف اليوناني..

حسن، اريد ان اقول شيئاً..

انصِت لكي يا اسماء، تفضلي..

جميل إنك تنصِت إلي، لست مثل الآخرين، الذين يقولون على الفتاة لا يجب عليها أن تتحدث، لقد إجتمع المُجتمع أن الفتاة ليس لها تفكير، إجتمع المجتمع إن الفتاة ليس لديها أحلام، ولا طموحات و لا حتى أهداف تسعى لتحقيقها، إجتمع المجتمع إن الفتاة ليس لديها حرية اختيار فى مَظهرها، ملابسها، إجتمع المجتمع بأن الحُب حرام، ثم اتخذوا التحرش غاية، يجب على حواء و ادم أن يتفاهَمون أفضل مِن كَونِنا آله..

هذا ما سعى له افلاطون، ليُحقق المدينة الفاضلة، بدلاً مِن أن يجتمع المجتمع على منع الذي لا يروق له، نحن الآن فى مدينة الاحياء الأموات..

حسن..

إنصت فحسب، لا تُقاطعني يا سعيد، تعلم آداب الحديث..

افلاطون، يجب تدريس أعمالهُ فى المدارس و الجامعات، لكي يتعمقوا بالإرتقاء و مستوى الصُلح مع الذات..

جيد، جيد جداً يا افلاطون، أنت الآن تستريح فى باطِن الأرض، لو كُنت حياً بيننا الآن، كُنت ستتخلي عن مدينك الفاضلة التي كُنت تسعى لتحقيقها، وبدلاً مِن أن تَكتُب عن الأسلوب الحضاري، بعيداً عن التعقيد و الروتين، و بما أن مدينتك الفاضلة أساسها الإنسان نفسه سواء مسؤولاً أو حتى عاملاً يجمع القمامة، و بدلاً مِن أن تَكتُب عن المثالية و الوعي و الرقي، الذي يجب أن يتجسد فى سلوك الإنسان..

- هل كُنت سوف تزال تَكتُب عن المثالية و الوعي و الرقي؟

أم، كُنت ستَكتُب عن الطمع، الحقد، الأنانية، الحمقى الذين يتخذون العُنف لإشباع رغباتهم السادية، سؤالاً آخر..

- هل كُنت سوف تزال فيلسوفاً فى ذَلِكَ العصر الذي يُسمي بالأحياء الأموات؟

أتعلم يا سعيد، افلاطون ليس ميتاً بل هو حياً بأعمالهُ، يجب أن تُفكر لتعلم، تُفكر لتحظى بالنُضج، أنا احزن عندما أرى شخصاً جيد التفكير يستخدمه استخداماً سىء، و بإمكانه أن يستخدمه فى النفع، احزن أيضاً على الوعى الذي أصبح مِثل بطارية هاتف فارغة قد تُلِفَت، بسبب سوء الاستخدام، سُحقاً..

انت مُحاط بِكَم مِن الصُعوبات، ها هو الغار، و ها هُم الكُفار و لا يوجد أمل أن يأتي العنكبوت..

لكن يا حسن، الكلمة ليس بها تأثير..

ما أكثر أعداء الكلمة، يا سعيد..

شر النفس يا سعيد، اسهل تبرير له إن الحياة شريرة، ينظرون إلى الجانب المُظلم الذى بداخلهم، ولم يسعوا لكي ينظروا إلى النور الذي يكاد أن يُعتَم بداخلهم..

يوسف إن لم يلقوه إخواتهُ بدافع الغيره داخِل البئر، لم و لن يقفذ بداخلهُ، أوقات شرور نفوس البشر تكون دفعةً للأمام، و خطوة فى طريقنا..

بقلم⇙ حسن أشرف حسن



تعليقات