التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السيدةُ المُبَجَّلة - الجزء الأول | ببلولا ツ

قصة «السيدةُ المُبَجَّلة»، تقديم حبيبة الشوربجي !

الجزء (1)


كانت الشوارعُ خاليةً مِن جِنسِ البشر، الجوُّ باردٌ للغاية، وقد بدأتْ السُّحُبُ بالتجمعِ فتُبدِّدَ ضوءَ الشمسِ مُنذرةً بهطولِ أمطارٍ غزيرة.

جَلَسَ على مكتبِه و أَمسكَ لِفافَةَ تبغٍ أوشكتْ على الانتهاءِ كانَ ينفثُ دوائِرَ من الدُّخانِ ويَرْقَبُها و هي تتلاشى في ضوءِ مصباحِه الخافت.
كانَ الجَوُّ باردًا و هو يرتجفُ يأملُ أن تقومَ لفافةُ التبغِ بتدفئةِ صدرِه.
أمسكَ قـلمَ الرصاصِ و أَحضرَ ورقةً بيضاءَ وبدأ برسمِ خطوطٍ مُبعثرةٍ لا يعلمُ ما فائدتُها وماذا ستكونُ في النهاية، لقد عهدَ نفسَه يَرسُمُ أشياءً لمْ يُخطِّطْ لها مُسبقًا ولم يتعلمْها وكأنّ الرسمَ غريزةٌ وهو يَرسُمُ بالفِطرة لا أكثر!

مَرَّ أكثرُ من نصفِ ساعةٍ وهو بذاتِ الوضعيةِ مُمسكًا بقلمِه يُخربشُ هُنا وهُناك يُدقِّقُ فـتبدأ ملامحُ رسْمتِه بالظهور...

رجلٌ و امرأةً مُتعانقان، ولكنْ  بطريقةٍ غريبة، كانت الفتاةُ مُتشبثةً به وكأنَّهُ طَوْقُ نجاتِها الوحيد لفَّتْ إحدى قدميْها حَوْلَ خِصرِه والأُخرى لمستْ إحدى قدميه، كانت يدُها اليُسرى تلتفُّ حول عُنقِه والأُخرى بين خصلات شَعرِه، رأسُها يَميلُ للوراءِ قليلًا أَمَّا هو كانت يديه تلتف حول جِزعِها ورأسُه اندثرَ بداخلِ عُنقِها حيثُ بدا وكأنَّها الاُكسجينُ الذي يملأُ رِئتيه، كانا مُلتحميْن، جسداً ورُوحاً واحدة.

ارتسمتْ ابتسامةٌ غريبةٌ علي شفتيه ثُمَّ همَسَ :-
- يا ليتَ الاُدباء يُشاهدون تِلكَ الرسمةَ ليتبادلوا عليها الكلماتِ والمقالاتِ العميقة!

تراجَعَ للخلفِ و فَرَك عينيه في حركةٍ طفولية ثم قال:-
ما بالُ دِماغِك يا مُصطفى اُصِيبَ بالصداع مرةً أخري!

اعتدلَ بِجلسته و تناول قُرص الأسبرين الثالث لهذا اليوم ثم ارتشف جرعة ماءٍ وارتمى علي سريرِه لـِيغُطَّ بِنومٍ عميق،
نومٍ مُختلف ربما تكونُ رحلةً طويلةً لعَالَمِ اللاشيء!

لاستكمال الجزء (2) من قصة السيدةُ المُبَجَّلة ↩ اضغط هنا
⇻⧫⇹⇹⇹⇹⧫⧪⧫⇹⇹⇹⇹⧫⇺

بقلم⇙ حبيبة الشوربجي



تعليقات