قصة «جوازة ع الماشي»، بقلم ياسمين قنديل!
فى إحدى المدن الصغيرة ، تلك التى يعرف أهلها بعضهم البعض فلا يغفلون عن غريب آت، كان هنالك طبيب ماهر يدعى" سالم" تخرج فى كليته منذ بضع سنوات و عمل بمشفى ذى اسم كبير و يتقاضى راتبا لا بأس به. قرر سالم أن يكمل نصف دينه و يجد تلك الفتاة التى ستتألف بينه و بينها المودة و الرحمة فودع الأمر لوالدته.
تلك السيدة الحذقة التى لم يخف عليها خافية فى المدينة و قد جمعت لنجلها عشرات الصور لأجمل فتيات المدينة و القرى المحيطة بها . و بعد تناولهم طعام العشاء جلست برفقة ابنها يحتسيان الشاى و يشاهدان صور الفتيات الحسان لينتقى فلذة كبدها احداهن و تقع عليها القرعة و تفوز بذلك الشاب الوسيم و يلتحق اسمها بلقبه قبل اسمه الطبيب سالم الأسيوطى تلك العائلة التى تمتلك أرضا ١٥ فدانا و سيارتين و فوق كل هذا العريس طبيبا، يا لحظ تلك الفتاة.
أمسك سالم بخمس صور و أخذ يعيد ترتيبهم كورق الكوتشينة حائرا من أمره يمعن التدقيق بهم فأردفت والدته: ماذا هناك يا بنى؟
فرد بحيرة تتغلل أعماقه: لست أدرى يا أمى ، أيهما أختار؟! إننى فى حيرة من أمرى ، كلهن جميلات.
- إذن، دعنى أختار زوجة ابنى و أخلصك من تلك الحيرة.
- و هو كذلك يا أمى، فمن غيرك سيختار لى الصالح .
و بالفعل اختارت له والدته احدى الجميلات ذاعنة أنها أكثرهن طيبة و احتراما و وقارا و لن تخالف أوامره و أوامرها على حد سواء.
على الجانب الآخر فى منزل صغير بإحدى القرى ، وقفت فيروز بشرفة غرفتها تطل على الحقول من حولها بعينيها اللوزيتين اللتين تشبهان فى لونهما لون الزرع الذى انعكست صورته بهما ، وشعرها البنى المائل للشقرة ، أخذت نفسا عميقا هنيئا مليئا بالأكسجين الذى ظهر أثره بتودر وجنتيها ليضفى على وجهها الشاهق سحرا فاتنا . تناولت فيروز قدحا من الشاى و رواية ذات الطابع الرومانسي و جلست تستمتع بقراءتها برفقة صديقها القمر و بدفء رشفات الشاى ذى المذاق الطيب.
مر أسفل شرفتها شابا مهندما اختلس نظرة إليها..
كانت نظرة مختلسة لكنها تحمل الكثير من المعانى و المشاعر النبيلة قابلتها بإيماءة ذات مغزى التهب على إثرها العشق فى عينيها. ذلك الشاب الذى يعمل مدرسا فى المدرسة الثانوية للبنين فى القرية و الذى أحبته فى فترة دراستهما معا بالجامعة و قد تقدم لخطبتها لكن قد أعرض والدها عن هذا الزواج نظرا لأنه يريد لابنته طبيبا أو مهندسا لا يقل راتبه عن كذا و أصوله عن كذا و ممتلكاته عن كذا إلخ.
اجتهد ذلك الشاب فى عمله بين المدرسة و الدروس الخاصة هنا و هناك حتى تسنح له الفرصة يوما ما و يكون جديرا بها كما أراد لها والدها و إن لم يكن على حق.
طرق أحدهم باب غرفتها فأذنت له بالدخول إذ بها والدتها، فنهضت فيروز عن مقعدها متجهة إلى والدتها بوجه بشوش و بسمة مشرقة تضىء محياها كمان أن الوالدة لم تكن تسعها فرحتها فسألتها ابنتها عن ذلك الحبور فأجابتها بالصاعقة : مبارك يا عزيزتى ، لقد تقدم لك شاب وإنه والله لمن خيرة شباب البلدة و احزرى ماذا؟ إنه طبيبا و يسكن فى المدينة و...
لم تكن تسمع فيروز ما قالته والدتها بعد ذلك فقد شعرت بالعالم يتهاوى من حولها يذوب كالصهار . فصاحت محتجة : لكنى لا أريد الزواج .
الأم بتفهم أو ما يسمونه كذلك : ابنتى ، إننا نريد لك الصالح و هذا هو العريس المناسب ، كونى مستعدة غدا، فهو و أهله سيأتون لنتفق .
- هذا يعنى أن للموضوع سابق حديث.
- نعم و إن قلنا لك ، لاعترضتى و لقيت من الحجج ألف.
جاء اليوم التالى و لم يكن للفتاة حولا و لا قوة فرضخت لأوامر والديها و قابلت ذلك العريس سالم بألم يعتصر و يهتصر قلبها و قلب حبيبها اللذان يتحرقان شوقا و لوعا.
مرت الأحداث بفيروز كعاصفة لم تستطع مواجهتها و إلا لسحقتها سحقا ، مر شهر فالثانى فالثالث و وجدت فيروز حالها تزف إلى منزل لم تألف ساكنيه بعد ، نفثت عن روحها ذلك الخزن الذى يغلفها محاولة أن تتعايش مع حاضرها و قد كان. تعايشت مع ذلك الوضع كجسد بلا روح ،لا تعرف الفرحة طريق قلبها و لا تدرى الابتسامة أين هو درب ثغرها.
أصبحت فيروز أما لثلاثة أطفال، قد أضفوا على حياتها مسحة من البهجة فصارت تحيا من أجلهم. تستيقظ من نومها فى السادسة و تهيىء أطفالها للمدرسة و تخدم زوجها قبل ذهابه إلى عمله بالمشفى و منها إلى العيادة حتى يعود ليلا ليجد زوجته منهكة من أعمالها المنزلية و خدمة والدته التى تقدم بها العمر و مذاكرة أبنائه ، تلك الأعمال التى تتكرر بذاتها يوميا حتى سئمت حياتها التى تشبه كما يقولون "طور مربوط بساقية"
فغادر ماء الشباب صفحة وجهها و لن نبالغ ان قلنا أنها بدت تبلغ من العمر ضعفه.
عاد سالم إلى منزله ذات يوم مبكرا فكانت الساعة تاسعة عوضا عن موعد عودته فى الواحدة بعد منتصف الليل. كانت فيروز تشعر بفراغا كبيرا ، لم تجد فى نفسها تلك الفتاة المرحة التى كانت مولعة بالقراءة و النشاطات المختلفة و كأن أكبر همها مساعدة والدتها فى أعمال المنزل و باقى وقتها ملكها تحفل بيه كما تشاء.
فى ذلك اليوم بعد أن تناول سالم عشائه و طلب من زوجته قدح الشاى جلس يتناوله فى الشرفه ثم ألقى بنفسه إلى الفراش حيث تستريح زوجته من أعمالها المنهكة.
طاف بذهن فيروز خاطر أن تلقى على زوجها بعض الأسئلة التى باتت تؤرقها:
- عزيزى سالم، هل لى أن أسألك أمرا؟
- بالتأكيد.
- لم تزوجتنى؟
- هه ، ما هذا السؤال! لأنها سنة الحياة بالطبع .
- لم أقصد هذا بل أعنى لم تزوجت بى على وجه التحديد.
- لقد اختارتك أمى من بين الفتيات اللائى عرضت صورهن على.
- عرضت صورهن؟! و اختارتنى والدتك؟
- أجل.
- هذا يعنى أنك لم ترنى و لم تعرفني قبلها ، حسنا.. و ماذا بعد أن رأيتنى فى زيارتكم لنا.
- وجدت بك الفتاة التى ستصوننى و تحفظ كرامتى و كرامة عائلتى.
- حسنا، ألم أرق لك كأنثى.
- بلى و لن أكذب عليك هذا أول ما جعلنى أشكر والدتى على اختيارك .
- وبعد كل هذا ، هل تكن لى من الحب؟
-ما هذه الترهات التى تتفوهين بها .. ذاك حديث الروايات و الأفلام لا تجعلينه يؤثر عليك و على تربية أبنائنا .
- إذن لماذا تزوجتنى؟
- لتخدمينى وأجدك حلالا متى احتاجت إليك و ترعى والدتى المسنة.
- هذا هو الجواب المناسب.
تلك السيدة الحذقة التى لم يخف عليها خافية فى المدينة و قد جمعت لنجلها عشرات الصور لأجمل فتيات المدينة و القرى المحيطة بها . و بعد تناولهم طعام العشاء جلست برفقة ابنها يحتسيان الشاى و يشاهدان صور الفتيات الحسان لينتقى فلذة كبدها احداهن و تقع عليها القرعة و تفوز بذلك الشاب الوسيم و يلتحق اسمها بلقبه قبل اسمه الطبيب سالم الأسيوطى تلك العائلة التى تمتلك أرضا ١٥ فدانا و سيارتين و فوق كل هذا العريس طبيبا، يا لحظ تلك الفتاة.
أمسك سالم بخمس صور و أخذ يعيد ترتيبهم كورق الكوتشينة حائرا من أمره يمعن التدقيق بهم فأردفت والدته: ماذا هناك يا بنى؟
فرد بحيرة تتغلل أعماقه: لست أدرى يا أمى ، أيهما أختار؟! إننى فى حيرة من أمرى ، كلهن جميلات.
- إذن، دعنى أختار زوجة ابنى و أخلصك من تلك الحيرة.
- و هو كذلك يا أمى، فمن غيرك سيختار لى الصالح .
و بالفعل اختارت له والدته احدى الجميلات ذاعنة أنها أكثرهن طيبة و احتراما و وقارا و لن تخالف أوامره و أوامرها على حد سواء.
على الجانب الآخر فى منزل صغير بإحدى القرى ، وقفت فيروز بشرفة غرفتها تطل على الحقول من حولها بعينيها اللوزيتين اللتين تشبهان فى لونهما لون الزرع الذى انعكست صورته بهما ، وشعرها البنى المائل للشقرة ، أخذت نفسا عميقا هنيئا مليئا بالأكسجين الذى ظهر أثره بتودر وجنتيها ليضفى على وجهها الشاهق سحرا فاتنا . تناولت فيروز قدحا من الشاى و رواية ذات الطابع الرومانسي و جلست تستمتع بقراءتها برفقة صديقها القمر و بدفء رشفات الشاى ذى المذاق الطيب.
مر أسفل شرفتها شابا مهندما اختلس نظرة إليها..
كانت نظرة مختلسة لكنها تحمل الكثير من المعانى و المشاعر النبيلة قابلتها بإيماءة ذات مغزى التهب على إثرها العشق فى عينيها. ذلك الشاب الذى يعمل مدرسا فى المدرسة الثانوية للبنين فى القرية و الذى أحبته فى فترة دراستهما معا بالجامعة و قد تقدم لخطبتها لكن قد أعرض والدها عن هذا الزواج نظرا لأنه يريد لابنته طبيبا أو مهندسا لا يقل راتبه عن كذا و أصوله عن كذا و ممتلكاته عن كذا إلخ.
اجتهد ذلك الشاب فى عمله بين المدرسة و الدروس الخاصة هنا و هناك حتى تسنح له الفرصة يوما ما و يكون جديرا بها كما أراد لها والدها و إن لم يكن على حق.
طرق أحدهم باب غرفتها فأذنت له بالدخول إذ بها والدتها، فنهضت فيروز عن مقعدها متجهة إلى والدتها بوجه بشوش و بسمة مشرقة تضىء محياها كمان أن الوالدة لم تكن تسعها فرحتها فسألتها ابنتها عن ذلك الحبور فأجابتها بالصاعقة : مبارك يا عزيزتى ، لقد تقدم لك شاب وإنه والله لمن خيرة شباب البلدة و احزرى ماذا؟ إنه طبيبا و يسكن فى المدينة و...
لم تكن تسمع فيروز ما قالته والدتها بعد ذلك فقد شعرت بالعالم يتهاوى من حولها يذوب كالصهار . فصاحت محتجة : لكنى لا أريد الزواج .
الأم بتفهم أو ما يسمونه كذلك : ابنتى ، إننا نريد لك الصالح و هذا هو العريس المناسب ، كونى مستعدة غدا، فهو و أهله سيأتون لنتفق .
- هذا يعنى أن للموضوع سابق حديث.
- نعم و إن قلنا لك ، لاعترضتى و لقيت من الحجج ألف.
جاء اليوم التالى و لم يكن للفتاة حولا و لا قوة فرضخت لأوامر والديها و قابلت ذلك العريس سالم بألم يعتصر و يهتصر قلبها و قلب حبيبها اللذان يتحرقان شوقا و لوعا.
مرت الأحداث بفيروز كعاصفة لم تستطع مواجهتها و إلا لسحقتها سحقا ، مر شهر فالثانى فالثالث و وجدت فيروز حالها تزف إلى منزل لم تألف ساكنيه بعد ، نفثت عن روحها ذلك الخزن الذى يغلفها محاولة أن تتعايش مع حاضرها و قد كان. تعايشت مع ذلك الوضع كجسد بلا روح ،لا تعرف الفرحة طريق قلبها و لا تدرى الابتسامة أين هو درب ثغرها.
أصبحت فيروز أما لثلاثة أطفال، قد أضفوا على حياتها مسحة من البهجة فصارت تحيا من أجلهم. تستيقظ من نومها فى السادسة و تهيىء أطفالها للمدرسة و تخدم زوجها قبل ذهابه إلى عمله بالمشفى و منها إلى العيادة حتى يعود ليلا ليجد زوجته منهكة من أعمالها المنزلية و خدمة والدته التى تقدم بها العمر و مذاكرة أبنائه ، تلك الأعمال التى تتكرر بذاتها يوميا حتى سئمت حياتها التى تشبه كما يقولون "طور مربوط بساقية"
فغادر ماء الشباب صفحة وجهها و لن نبالغ ان قلنا أنها بدت تبلغ من العمر ضعفه.
عاد سالم إلى منزله ذات يوم مبكرا فكانت الساعة تاسعة عوضا عن موعد عودته فى الواحدة بعد منتصف الليل. كانت فيروز تشعر بفراغا كبيرا ، لم تجد فى نفسها تلك الفتاة المرحة التى كانت مولعة بالقراءة و النشاطات المختلفة و كأن أكبر همها مساعدة والدتها فى أعمال المنزل و باقى وقتها ملكها تحفل بيه كما تشاء.
فى ذلك اليوم بعد أن تناول سالم عشائه و طلب من زوجته قدح الشاى جلس يتناوله فى الشرفه ثم ألقى بنفسه إلى الفراش حيث تستريح زوجته من أعمالها المنهكة.
طاف بذهن فيروز خاطر أن تلقى على زوجها بعض الأسئلة التى باتت تؤرقها:
- عزيزى سالم، هل لى أن أسألك أمرا؟
- بالتأكيد.
- لم تزوجتنى؟
- هه ، ما هذا السؤال! لأنها سنة الحياة بالطبع .
- لم أقصد هذا بل أعنى لم تزوجت بى على وجه التحديد.
- لقد اختارتك أمى من بين الفتيات اللائى عرضت صورهن على.
- عرضت صورهن؟! و اختارتنى والدتك؟
- أجل.
- هذا يعنى أنك لم ترنى و لم تعرفني قبلها ، حسنا.. و ماذا بعد أن رأيتنى فى زيارتكم لنا.
- وجدت بك الفتاة التى ستصوننى و تحفظ كرامتى و كرامة عائلتى.
- حسنا، ألم أرق لك كأنثى.
- بلى و لن أكذب عليك هذا أول ما جعلنى أشكر والدتى على اختيارك .
- وبعد كل هذا ، هل تكن لى من الحب؟
-ما هذه الترهات التى تتفوهين بها .. ذاك حديث الروايات و الأفلام لا تجعلينه يؤثر عليك و على تربية أبنائنا .
- إذن لماذا تزوجتنى؟
- لتخدمينى وأجدك حلالا متى احتاجت إليك و ترعى والدتى المسنة.
- هذا هو الجواب المناسب.
حلوة جداا بتعبر عن واقع بتعيشه بنات كتير 💔👏
ردحذف😍😍😘
حذفجميلة جدا💖
ردحذف❤❤🌹
حذف