التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هلاوس مِش كاتِب | ببلولا ツ

هلاوس مش كاتب، تقديم حسن أشرف!

- هل بإستطاعتك خلق أمل للناس مِن عدم اليأس؟

كَهْلاً، كَهْلاً جاوز سنْ الشباب اُصيبَ بالشيخوخة، كَهْلاً لا زال عقلهُ شاباً، يَغمُرهُ بُحور مِن الأفكار، بُحور مِن الأماني، كَهْلاً يتجول في ارجاء المدينة، كَهْلاً يرى الشباب يتَزَيَّنون، يرقُصون، كُنتُ مِثلَهُم، اتزين، ارقُص، كُنتُ اهتم بمظهري الخارجي، أيام شبابي استمتِع بشراء قميصاً جديداً، أصبحتُ لا أكترث بمظهري الخارجي و شراء قميصاً مِن القُماش، القميص الحقيقى يُكَمِن بين طَيّات الكُتُب، عُريُ الجَسَد ليسَ عاراً، بَل العُريُ الفكرِ أفضَح كثيراً..

فى إحدى الأيام، يتجول في ارجاء المدينة لمَحَ مِن بعيد، عربة خشبية بطرازٍ قديم بعض الشيء عليها المَزيد، المَزيد مِن الكُتُب، المَزيد مِن الأفكار التي مصيرُها الأرصفة، لا احد يُعطيها إهتِمامً، تحلُ ببعضٍ مِن الامتِناع، تحلُ ببعضٍ مِن الزُهد بين طَيّات الكُتُب، ما أجملك يا صاحب سِمو العربة المليئة الحامِلةُ بالأفكار، تُبيع أوراقاً بأسعارٍ قَليلة الثمَن ولا أحد يَزهِد بين طَيّاتِها، الكوكب الذى يَنبع حرية هو العقل، لا أدرى اذا كان صاحب سِمو العربة.. هل يعلم ما بداخِل طَيّات الكُتُب؟
أم يُبيعَها لِغَرض الحُصول على المال، القوةُ الكامنة تُكَمِن فى العقل، كُلما إزدادَ تطوراً بالعِلم و المعرفة أصبح قائداً، كُلما شَكَ إزدادَ إدراكً..

لوحةٍ فارغة، تملُك أعلى قيمةٍ بنقائِها.. لوحةٍ مليئة بالألوانِ الزاهية، تملُك أقل قيمةٍ بنفاقِها..

بَيننا إختِلافات، وجَبَ علَينا إحترامِها، لا تَكونُ أشباه بَشر، بَل كونٌ بَشر..

أتذَكر عِندما كُنتُ فى المرحلة الإبتدائية، كُنتُ أكره إمتِحان اللغةُ العربية بسبب كِتابِة موضوع التعبير، الآن علِمتُ فائِدَتِها..

يَروقَ لي بأن اُشبِه نفسي بالكلبْ، الكلبْ الكائِن الوَحيد، الذى يُبادِل مشاعرهُ مع الإنسان، مشاعرهُ الخاليةُ مِن الطمَع، الجشع، الكُره، الحِقد، الكلبْ لا يعرف سوى الحُب، الكائِن الوَحيد الذى يتَفوق على الإنسان فى الحُب، لا يعرف الخِداع، الإنسان يعرف الخِداع..

الحُزن دَليل على بهلاوَنيتك، هكذا يرُون الحَزين بهلاوَناً..

ما أجمل صَوت الرَعد و تصادُم المطر على اسقف المَنازِل، سكون الليل، سيمفونية نَسيمُ الهواء، كإنها لوحةٍ فارغة تَحوى هدوء الشارع، لا بشرَ، لا شئٍ على الإطلاق سوى نفسٍ مُتمردةٍ على الصَيف، نفسٍ مُتمردةٍ تَستَلِذُ بقشعريرة جسدِها عِندما يُلامِسها نَسيمُ الهواء مُصاحبةُ الأمطار..

لا اُحِب السَلبية، أخشى أن اُحِب الشَر و أستَلِذه..

رُبما بائِعةْ الوَرد ستفرَح إن أهديتها وردة، رُبما بائِعةْ الهَوى سيتَجدد فيها الأمل إن لَينت وَجع قَلبها بكلام جَميل..

أعلم إنَنى كَهْلاً جاوَزتُ سِن الشباب، أعلم ايضاً ان ردَدتُ تِلكَ الجُمل التي اُرَدِدها داخِل عقلي لَن تُفيدَ احدً، سوف ينعَتونَني بالمُختَل اذا لَم اكُن كذَلِك كَونى كَهْلاً لِعدَم اهتمامي بملابسي..

أهلاً وسهلاً يا صاحِب سِمو العربة الحاملةُ بالأفكار.. ما إسمك؟

أهلاً ايُها الكَهْل، إسمي: حامد.. ما إسمك انت؟
إسمي، إسمي.. لا يُهِم لَن يُفيدَك بشيء، اُحَبَّذ مُناداتي بالكَهْل..

حسنً ايُها الكَهْل.. ماذا تُريد؟

اُريد كِتاباً يُسمَّى الخيميائى لكاتِب يُدعىَ باولو كويلو.. هل أجدَّ ما أبحثُ عنه؟

لا أدرى سوف أبحث عنه لَكَ، لكِن هَيئتكَ لا تَدُل على إنكَ قارِئ.. دَعَكَ مِن هَيئتي يا حامد.. ما رأيك فى باولو كويلو؟

لا اعرفهُ ايُها الكَهْل.. الآن لقد علمتُ أن الكُتُب أقلُ سِعراً مِن الأشياء الاُخرى، الثقافة مهدور حَقِها مَصيرُها الأرصفة.. حسنً يا حامد سوف أقول لَكَ نَبذَةٍ عن الكاتِب باولو كويلو..

حسنً ايُها الكَهْل، انا أصغي اليكَ، في ظِل بَحثي عن الخيميائى الذي تُريدهُ..

باولو كويلو روائي برازيلي، ولِد ( 24 أغسطس 1947 ).
تتَميز رواياتهُ بمعنى روحي مستَعمِلً شخصيات ذاتَ مواهِب خاصة، يعتمد ايضاً علي أحداث تاريخية لتَمثيل أحداث قِصَصه، نشرَ أول كُتبه عام ( 1982 ). بعنوان "أرشيف الجحيم"، حينَ نشرَ كِتاب "الخيميائى"، كادَ الناشِر أن يتَخلي عنها فى البداية، لَكِنها سُرعان ما أصبحت مِن أهم الروايات البرازيلية وأكثرها مَبيعاً، تَعِدُ الخيميائى أشهر رواياتهُ و تمت ترجمَتها إلي ( 80 ) لُغة..

جَميل ايُها الكَهْل، أظُن إنني أجهلُ الكثير، لقد وجدتُ الخيميائى، دَعنا نقرأ نَبذَة الكِتاب المُختصرة خلف الغُلاف..

حسنً يا حامد، سوف اقرأهُ لَكَ..

الراعي الشاب الإسباني سنتياغو، رِحلتهُ لتَحقيق حِلمهُ الذي تكَرر أكثَر مِن مرة يبحَث علي كِنز مَدفون في الأهرامات بمصر و وراء هذا الحِلم ذَهَبَ سنتياغو ليُقابِل في رِحلتهُ الإثارة، الفُرَص، الذُل، الحَظ، الحُب، و يفهَم الحياة مِن مَنظور آخر و هو رَوح الكَون، يُريد أن يَصبح خيميائياً، إلي أن يَلتقي "بالخيميائى"، عارف الأسرار العظيمة الذى يَحثهُ علي المَضي نَحوَ كِنزهُ، عِندما تَقبِض إحدى قبائِل الصحراء على سنتياغو و مرافقِة الخيميائى حيثُ توضَع العِلاقة سنتياغو و الكَون علي المحك، لكِنهُ ينجَح في الاختِبار و يَنجو مِن المَوت، يُتابِع بعدَها الرجُلان رِحلَتهُما حتى يصِل وحدهُ أخيراً إلى الأهرامات، ثُم يَكتَشِف أن ما يَنتظِرهُ هو علامةٍ اُخرى ليصِل لكِنزهُ..

رائِع ايُها الكَهْل، كُنتُ أجهلُ ذَلِك العالم الذي يُكَمِن داخِل طَيّات الكُتُب، عالمٌ مليء بالأفكار، أتدرى ايُها الكَهْل، لقد ظَلمتُ نفسي كثيراً، اجلِس هُنا منذُ سنوات أبيع الكُتُب ولا اعرفُ ما بداخِل طَيّاتِها، اجلِس امامِها مُتَأَمِّل غُلافِها، اشعُر بالمَّلل حينَ اقرأ..

أتعلم يا حامد، المَّلل يدُل على الكَسل، انت إعتَدتُ الجُلوس هُنا لبَيع الكُتُب لتَجِد المُقابِل مِن خِلال بَيعك لها، فَما بالك بالمُقابِل المَعنوي الذي يفتَح لَكَ اُفق كثيرةٍ مِن الشَغَف لقراءِة كِتاب جَديد لتزدادَ أكثَر إدراكاً بالشيء..

- لماذا أتَيتُ مُتأخراً ايُها الكَهْل؟

لقد أتَيتُ فى مَوعِدى المُناسِب، لو كُنتُ أتَيتُ قَبل ذَلِك مُنذُ سنوات، لَن تَكون مُدركاً مِثلَ الآن..

- لماذا اخترتَني انا دونَ البَقية؟

آرى فيكَ نَفسي التي اهمَلتَها لكِن تَيقنتُ نَفسي مُتأخراً، جِئتُ إليكَ بالأمل، لأنني آرى فيكَ الأمل..

حسنً ايُها الكَهْل، لكِن.. ما إسمك؟

إسمي، إسمي.. لا يُهِم لَن يُفيدَك بشيء، اُحَبَّذ مُناداتي بالكَهْل.. 
⇻⧫⇹⇹⇹⇹⧫⧪⧫⇹⇹⇹⇹⧫⇺

بقلم⇙ حسن أشرف حسن



تعليقات